السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
عوداً حميداً للتدوين بعد انقطاع طويل مابين الذوبان في إجازة الصيف ثم الانغماس في أشغال الدراسة، تاركةً الأسئلة تتراكم في رأسي..
أعتذاري لكم..
سؤالي هذه المرة يحوم معنا في الجو، بعد أن نتخذ مقاعدنا في الطائرة، ويستقر الجميع في مكانه سواءً أعجبه أم لا، تنسدل الشاشات من سقف الطائرة؛ لتملي علينا قائمة ارشادات السلامة التي نحفظها عن ظهر قلب، عندما تبدأ جزئية الهبوط الاضطراري، وأول ما ينبه له هي وضعية الهبوط الاضطراري، حين يأمرنا المضيف بالتحول إلى قرفصاء إذا أوشكت الطائرة على الوقوع! هنا يبدأ التساؤل لماذا هذه الوضعية بالذات؟! أو قد لا نجد متسعاً للتساؤل لأن جزء طوق النجاة و"الزلاقة" الذي يتلو وضعية الانكماش يبدو أكثر إثارة منه! لكنه سؤال جيد، يرفع الستار عن جواب وجيه وفي غاية الأهمية، قبل الولوج في الجواب دعونا نتحدث بتفصيل قليلاً عن وضعية الانكماش أولاً.
ماهي وضعية الانكماش؟
وضعية الانكماش أو كما تسمى بـ "الانقباض" أو "المشبك"، وتسمى علمياً بـ "Brace position"، وهي كما نراها في كتيب الارشادات تتلخص في الانكماش وضم أطراف الجسم، حيث تضم الساقين والأقدام إلى بعضهما وينحني الجذع إليهما، مع اليدين محيطتان بالرأس، أو مستندتان على المقعد الأمامي، وقد تختلف بعض تفاصيل هذه الوضعية من شركة طيران لأخرى حسب الدراسات التي تجريها بناءً على تصاميم طائراتها.
وأنوه إلى أن هذه هي الوضعية التي ذكرتها قياسية تطبق فقط على الأشخاص الطبيعين، وأنها تختلف في الجملة أو التفصيل عنها للفئات الأخرى كالمسنين والرضع.
هل هي فعالة حقاً؟
ستصدمون إذا عرفتم أن هذه الوضعية كانت سبباً بعد الله في نجاة الكثيرين من الإصابات القاتلة على مدى تاريخ الحوادث الجوية، بل إن معظم حوادث الطائرات لم ينج منها سوى من اتخذ هذه الوضعية! ومن أشهر القصص، حادثة طائرة طيران ساس الاسكندنافي عام ١٩٩١ حيث نجى جميع الركاب وخرجو منها سالمين رغم تحطم الطائرة إلى ثلاثة أجزاء لاتخاذهم هذه الوضعية.
لماذا هذه الوضعية بالذات؟
١- تخفيف قوة الاصطدام:
في حالة الهبوط الاضطراري، يشكل الارتطام المفاجئ أكبر خطر على صحة وسلامة الجسم، لأن الجسم سيمتص قوة الاصطدام المهولة التي لايمكنه احتمالها، فتتسبب بالتالي في كسر العظام أو ضغط المفاصل -خصوصاً فقرات الظهر التي ترتبط بالحبل الشوكي- حتى تتلف وتفقد وظيفتها أو قد تتسبب حتى في انفصال الأطراف وتطايرها!
تحل وضعية الانكماش هذه المشكلة بخدعة فيزيائية بسيطة، وهي في كون الراكب ضاغطاً بقدمه إلى أرضية الطائرة، وشاداً جسمه إليها، يجعله هذا يعد فيزيائياً هو والطائرة جسماً واحداً يمتصان الصدمة سوياً، وهذا يخفف على الجسم الصدمة آلاف المرات!
وبالمقابل فإن الجسم إذا اصدم وهو في وضعية الاسترخاء، حيث تستريح جميع المفاصل تاركة الأطراف متباعدة عن بعضها البعض، يمتص كل طرف لوحده الصدمة مظاعفة، ومتأثراً بشكل أكبر.
٢- حماية الرأس:
تحمي وضعية الانكماش الرأس من الاصابة جراء تطاير الأجسام، فاصطدام الرأس بأي جسم يعرضه إما لجروح مميتة، أو لفقدان الوعي، وفقدان الوعي هذا هو أكثر أسباب الوفاة في هذا النوع من الحوادث، لأن الوعي والسيطرة على الجسم مهمة للخروج من الطائرة بعد وقوعها والابتعاد عنها قبل أن تنفجر!
٣- حماية وجه الجسم:
وأقصد بوجه الجسم هنا الناحية الأمامية منه، الوجه، الصدر والبطن، تحتاج هذه الجهة من الجسم إلى حماية مظاعفة لأنها حساسة أكثر من سواها، إما لوجود الأعضاء الخارجية كما في الوجه، أو لانعدام أو ضعف الجهاز العظمي فيها كالبطن، فانكماش حولها يجعلها محور الحماية ويجعل اصطدام أي شيء فيها شبه مستحيل!
لا أتمنى أن تضطرو إلى تجربة هذه الوضعية أبداً، لذلك جربوها في حالة الهبوط الطبيعي وستلاحظون كيف أنها فعالة!
تمنياتي لكم برحلات جوية آمنة، وأجوبة شافية دائماً =]
دمتم
السؤال فعلا جميل.. وازال عني هذا التساؤل..
ردحذففانا احب مشاهدة برامج التحقيقات في الكوارث الجوية واستغرب من هذه الطريقة.. *بغض النظر عن هذه الهواية الغريبة p:*
شكرا لكِ فعلا استفدت
^ عفوا اقصد الجواب جميل :]
حذف